الاثنين، 5 سبتمبر 2016

كيف تحصل على لقب مبرمج؟


أتظن أنك إن تخرجت من إحدى الكليات أو المعاهد المتعلقة بعلوم الحاسب تصبح مبرمجاً ؟ أتظن أنك إن عملت في إحدى شركات البرمجة الكبرى أو الصغرى أو أياً كان مستواها تصبح مبرمجاً؟ في وطننا العربي يحتاج منك الأمر لأكثر من ذلك فمن البيت الذي تربيت فيه إلى زوجتك التي سترتبط بها مروراً بأبو عبدو الموظف في السجل المدني وعم ... البواب ستحتاج إلى أن تجلس مع كل منهم على انفراد وتطلعه على ما تعمل لأنهم سينظون أنك تقوم (بتسطيب) الويندوز :/ فلقد أصبح لدي يقين أنك إن أخبرتهم أنك تعمل في مجال الكمبيوتر بدون تحديد مسمى وظيفي سيتفهمون الأمر أكثر, فعادة لا يستطيع أغلب الناس معرفة ما يقوم به المبرمج في حياته وما هي طبيعة عمله وأحياناً (كثيرة) لا يتفهمون السبب وراء أجورهم المرتفعة من هذا العمل ويعتقدون أن في الأمر خدعة ما, ففي بداية حياتي العملية حيث كان يعتقد والدي أنني أقوم بأعمال غير شرعية باستخدام الحاسب وذلك لأن بعض الأشخاص في تلك الفترة كانوا يقومون بتحميل الأفلام الإبحاية وبيعها على أسطوانات مدمجة, وبعد جهد جهيد استطعت أن أثبت برائتي لوالدي عبر مناقشته وإطلاعه على طبيعة عملي وبرغم أنه لم يكن قادراً على فهم الجدوى من وراء تلك الأسطر التي أقوم بكتابتها إلا أنه كان يحاول أنه يبدوا متفهاً , ولكن شكوكا أخرى ً ظهرت حول أنني أقضي وقتي على جهاز الكمبيوتر في اللعب وأنني إذا قمت بمساعدته في عمله خير لي من تلك الساعات التي أقضيها وراء الكمبيوتر, ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد بل أصبحت أتهم بأنني أهمل عائلتي وأنني (تغيرت) وأن هذا الكمبيوتر لعنة وأن البرمجة ما هي إلا سخافة و(ضحك على اللحى).
استمرت هذه المعاناة لفترة حتى تسنى لي أن أحصل على فرصة تطوير لموقع انترنت وذلك عام 2003 لصالح شركة كبيرة في مصر استغرق مني بناء الموقع قرابة الاسبوعين بين التصميم والتكويد حتى إذا انتهيت منه وقمت برفعه استدعيت والدي لأريه ما قمت بفعله وكيف أن ابنه (عبقرينو) وأن الجهد المبذول في تعليمه لم يضع هبائاً, ولكم أن تتصوروا كيف كان شعوري وكيف كان احساسي بالنشوة وأنا أقوم باستعراض الصفحات (الستاتيكية) وقوائم (الفلاش) وتلك الأزرار التي استغرقت مني جهداً ضخماً في التص
ميم والبرمجة حيث كانت أغلب البرمجيات والتقنيات المتعلقة ببرمجة الإنترنت في تل الفترة متواضعة نوعاً ما, عندها ولأول مرة طلب أبي مني أن يجلس بنفسه ويتصفح الموقع الذي قمت بإنتاجه ساد الصمت لمدة عشر دقائق وهو يتصفح الموقع ثم التفت إلي بهدوء وقال (جيد) وذهب.
بهذه البساطة وبهذا الهدوء الذي أفقدني نشوة الإنتصار وجعلني في حيرة من أمري ولم أدرك حينها أن والدي قد أدرك أن هناك شيئاً جديداً قد أضافته البشرية إلى سجلها العلمي وهو البرمجة, كما أنني لم أدرك أنه بذلك قد منحني تلك الصفة التي أحملها إلى الآن وهي مبرمج.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق